توطين السكنات عبر 26 ولاية

“عدل 3”.. مرحلة التنفيذ تنطلق

“عدل 3”.. مرحلة التنفيذ تنطلق
وطني23‏/12‏/2025
  • من التسجيل إلى التوطين.. وتيرة إنجاز متسارعة

شرعت الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره، رسميا، في توطين سكنات برنامج “عدل 3” عبر 26 ولاية، في خطوة تعكس انتقال هذا البرنامج السكني من مرحلة التحضير إلى مرحلة التجسيد الميداني واسع النطاق.

ويأتي هذا التحرك في سياق تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية الرامية إلى تسريع وتيرة الإنجاز وضمان احترام الآجال المحددة، مدعوما بإطار مالي وبرمجة وطنية واسعة، ما يجعل عملية التوطين الجارية مؤشرا عمليا على دخول “عدل 3” مرحلة جديدة تقوم على الانتشار الجغرافي، وتكثيف الورشات، وترجمة الالتزامات المعلنة إلى وقائع ملموسة على الأرض.

جاءت عملية توطين سكنات “عدل 3” كتجسيد عملي لتعليمات رئيس الجمهورية القاضية بتسريع وتيرة إنجاز هذا البرنامج السكني، حيث انتقلت التوجيهات من مستوى القرار إلى مستوى التطبيق الميداني عبر إطلاق عملية واسعة تشمل عدة ولايات في وقت واحد. هذا الانتقال يعكس رغبة السلطات في تقليص الفجوة الزمنية بين الإعلان عن البرامج السكنية وتجسيدها فعليا، خاصة في ظل الطلب المتزايد على هذا النمط من السكن. ويبرز البعد التنفيذي للعملية من خلال الشروع الفعلي في توطين السكنات، وليس الاكتفاء بالإعلان عن مشاريع مستقبلية، ما يمنح البرنامج بعدا عمليا يتجاوز مرحلة التخطيط. فعملية التوطين تمثل الخطوة الأولى في مسار الإنجاز، باعتبارها تؤسس لانطلاق الأشغال وفق مخططات واضحة، وتحدد الإطار العمراني والوظيفي للمشاريع السكنية المبرمجة. وتندرج هذه الخطوة، ضمن سياق عام يتميز بتشديد المتابعة المركزية لملفات السكن، حيث أصبح تسريع الإنجاز واحترام الآجال عنصرين أساسيين في تقييم تقدم البرامج العمومية. كما تعكس العملية الحالية توجّها نحو العمل المتوازي في عدة مناطق بدل الاعتماد على وتيرة تدريجية بطيئة، بما يسمح برفع مستوى الاستجابة للاحتياجات المسجلة عبر مختلف الولايات. ومن الناحية العملية، يشكل توطين السكنات آلية تنظيمية أساسية، تسبق مراحل الإنجاز الفعلي، إذ تتيح ضبط الأوعية العقارية، وتحديد مواقع المشاريع، وربطها بمخططات التهيئة العمرانية المحلية. كما تسمح هذه المرحلة بتنسيق تدخل مختلف الفاعلين، من مصالح مركزية ومحلية، بما يضمن انطلاق الأشغال في ظروف أكثر تنظيما. وبهذا المعنى، فإن ما يجري اليوم لا يمكن فصله عن مقاربة جديدة في تسيير البرامج السكنية، تقوم على تسريع الانتقال من القرار إلى الفعل، وتقليص هامش التأخير، وتحويل الالتزامات الرسمية إلى خطوات ميدانية قابلة للقياس. وهو ما يضع برنامج “عدل 3” في مسار تنفيذي واضح، يمهّد لبقية المراحل المرتبطة بالإنجاز والاستلام.

 

توطين واسع عبر 26 ولاية.. خريطة الانتشار الأولى

بعد الانتقال من مرحلة القرار إلى التنفيذ، برز البعد الجغرافي كأحد أهم ملامح عملية توطين سكنات “عدل 3”، من خلال إطلاقها عبر 26 ولاية دفعة واحدة. هذا الانتشار الواسع يعكس مقاربة وطنية شاملة في التعامل مع البرنامج، تقوم على تفادي التركيز الجغرافي الضيق، وضمان استفادة متوازنة لمختلف المناطق من هذا المشروع السكني الضخم. ويكشف هذا التوزيع الجغرافي، عن رغبة واضحة في إدماج البرنامج ضمن النسيج العمراني القائم لكل ولاية، بدل حصره في أقطاب محدودة. فتوطين السكنات عبر عدة ولايات يسمح بأخذ الخصوصيات المحلية بعين الاعتبار، سواء من حيث الكثافة السكانية أو طبيعة الأوعية العقارية المتاحة، ما يساهم في تقليص الضغوط العمرانية على المدن الكبرى. كما يندرج هذا الانتشار ضمن منطق التخطيط المرحلي، حيث تم الشروع في التوطين وفق أولويات مدروسة، تتيح الانطلاق المتزامن لعدة مشاريع، مع إمكانية توسيع العملية لاحقًا لتشمل ولايات إضافية. ويعكس ذلك توجّها نحو توزيع الجهد والموارد بشكل متوازن، بما يضمن استمرارية الأشغال وعدم تعطّلها في نقطة جغرافية واحدة. ومن زاوية تنظيمية، يسمح التوطين عبر 26 ولاية بتفعيل دور الهياكل المحلية، من مصالح تقنية وبلديات وولايات، في مرافقة البرنامج ومتابعته ميدانيا. هذا التداخل بين المستويين المركزي والمحلي يعزّز من نجاعة التنفيذ، ويسمح بالتكفل بالإشكالات التقنية والعقارية في مراحلها الأولى. وعليه، فإن خريطة الانتشار الأولى لبرنامج “عدل 3” لا تعكس فقط حجم العملية، بل تكشف أيضا عن تصور عمراني أوسع، يقوم على توسيع قاعدة الإنجاز، وتوزيع المشاريع بشكل مدروس، تمهيدا لمرحلة لاحقة يُنتظر أن تشهد توسعا أكبر في رقعة التوطين وتقدما متدرجا في وتيرة الإنجاز.

 

الأرقام تتقدّم على الوعود

ومع اتساع رقعة التوطين، تفرض الأرقام نفسها كأحد أبرز مؤشرات تقدم برنامج “عدل 3”، حيث لم يعد الحديث مقتصرًا على نوايا أو برامج مستقبلية، بل انتقل إلى حصيلة أولية تعكس حجم ما تم تجسيده فعليا. فقد تم، إلى غاية شهر ديسمبر الجاري، توطين 80 ألف وحدة سكنية، في إطار برنامج وطني يهدف إلى إنجاز نصف مليون وحدة خلال سنتي 2025 و2026. وتكتسي هذه الأرقام، أهميتها من كونها مرتبطة بإطار مالي مضبوط، أدرجه قانون المالية لسنتي 2025 و2026، بما يوفر الغطاء اللازم لمواصلة الإنجاز دون انقطاع. هذا الربط بين البرمجة المالية والتجسيد الميداني يمنح البرنامج درجة أعلى من المصداقية، ويقلّص من هامش التعثر الذي رافق بعض البرامج السكنية السابقة. وتكشف وتيرة التوطين المسجلة إلى حد الآن عن تجاوز سقف الالتزامات الأولية، وهو ما أكدته الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره في بيانها، معتبرة أن بلوغ عتبة 80 ألف سكن موطّن يمثل مرحلة متقدمة في مسار البرنامج. هذه الحصيلة الأولية تعكس تسارعا ملحوظا مقارنة بالمرحلة الأولى، التي انطلقت من ولاية قسنطينة. وفي هذا السياق، شكّلت حصة 46 ألف وحدة سكنية التي أُعطيت إشارة انطلاقها بتاريخ 20 نوفمبر 2025 نقطة تحوّل في مسار “عدل 3”، باعتبارها أول اختبار ميداني واسع للجاهزية التقنية والتنظيمية. وقد سمح هذا الانطلاق بتقييم وتيرة العمل، وضبط آليات التوسيع نحو ولايات أخرى في فترة زمنية قصيرة. وبذلك، لم تعد الأرقام، مجرد بيانات مرافقة للبرنامج، بل تحولت إلى عنصر مركزي في قراءة تقدمه، تعكس مستوى الالتزام بالآجال المعلنة، وتؤشر على انتقال “عدل 3” إلى مرحلة تعتمد على الحصيلة والإنجاز الملموس أكثر من اعتمادها على الوعود والبرمجة النظرية.

 

الأقطاب الحضرية الجديدة.. من سكنات إلى مدن

وبموازاة التقدم المسجّل في وتيرة التوطين، يبرز بُعد عمراني أوسع لبرنامج “عدل 3”، يتجاوز منطق إنجاز سكنات منفصلة إلى تصور يقوم على إنشاء أقطاب حضرية جديدة. هذا التوجه يعكس انتقال البرنامج من الاستجابة الظرفية للطلب على السكن إلى مقاربة تخطيطية تهدف إلى إعادة تشكيل الخارطة العمرانية بعدد من الولايات. وفي هذا الإطار، تشكل المشاريع الكبرى المبرمجة ضمن “عدل 3” نواة حقيقية لأقطاب حضرية مستقبلية، تجمع بين السكن، ومختلف المرافق والخدمات الأساسية. ويبرز القطب الحضري سيدي حلو بولاية بومرداس كنموذج لهذه المقاربة، بعد وضع حجر الأساس لإنجاز 20 ألف وحدة سكنية، في مشروع يُصنّف ضمن أكبر الأقطاب السكنية المندرجة في إطار هذه الصيغة. ويكتسي هذا التوجه أهمية خاصة من حيث التخطيط العمراني، إذ يسمح بتفادي الامتداد العشوائي للمدن، ويوفر فضاءات سكنية مهيكلة وقابلة للتوسع، وفق مخططات مدروسة. كما يتيح إنشاء هذه الأقطاب الجديدة توزيعا أفضل للكثافة السكانية، وتقليص الضغط على المراكز الحضرية القديمة. ومن الجانب التنظيمي، يرتبط إنشاء الأقطاب الحضرية الجديدة بتنسيق متعدد المستويات، يشمل مصالح السكن، والتهيئة العمرانية، والجماعات المحلية، بهدف ضمان إدماج هذه المشاريع ضمن النسيج العمراني العام. وتُعد مرحلة التوطين حجر الأساس في هذا المسار، باعتبارها تحدد مواقع المشاريع وتربطها بالشبكات الحضرية الكبرى. وعليه، فإن الحديث عن “عدل 3” لم يعد يقتصر على أرقام السكنات المنجزة أو المبرمجة، بل يمتد إلى رؤية عمرانية أوسع تسعى إلى بناء مدن متكاملة، قادرة على استيعاب التحولات الديمغرافية المستقبلية، وجعل السكن جزءا من منظومة حضرية متوازنة ومستدامة.

 

ما قبل الاستلام.. إشارات الانطلاق الرسمي للبرنامج

ومع ترسّخ ملامح التنفيذ الميداني وتوسّع رقعة التوطين، تتقاطع عدة مؤشرات لتؤكد أن برنامج “عدل 3” دخل فعليا مرحلة الانطلاق الرسمي. فمن جهة، شرعت الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره، خلال الأيام الماضية، في إرسال أوامر دفع الشطر الأول للمكتتبين، في خطوة إجرائية تعكس الانتقال من التحضير الإداري إلى التعامل المباشر مع المستفيدين. وتُعد هذه العملية، حلقة أساسية في مسار البرنامج، باعتبارها تسبق مراحل الإنجاز والاستلام، وتمنح المكتتبين أول إشارة عملية على دخول المشروع حيّز التنفيذ. كما تسمح أوامر الدفع بتفعيل العلاقة التعاقدية بين الوكالة والمستفيدين، بما يرسّخ الطابع الرسمي للبرنامج ويؤسس لمراحل لاحقة أكثر ارتباطًا بالآجال والالتزامات. وفي السياق ذاته، تندرج عملية التوطين الجارية ضمن هذه المرحلة التمهيدية، حيث تمثل خطوة تنظيمية محورية تُبنى عليها مختلف مراحل الإنجاز. فالتوطين يحدد مواقع السكنات، ويضبط محيط المشاريع، ويمكّن من الانطلاق الفعلي للأشغال وفق رزنامة واضحة، ما يجعل هذه المرحلة فاصلة بين الإعداد النظري والتنفيذ العملي. كما ترافق هذه المؤشرات مع استعدادات تقنية وتنظيمية على مستوى الوزارة والوكالة، من خلال تشكيل فرق عمل مختصة، عملت على تصميم البرنامج بما يتلاءم مع احتياجات المواطنين وخصوصيات كل منطقة. هذا التحضير المسبق يهدف إلى تفادي الإشكالات التي قد تعترض مسار الإنجاز، وضمان انسجام المشاريع مع الطابع العمراني المحلي. وبذلك، تتكامل إشارات الانطلاق الرسمية لبرنامج “عدل 3” بين إجراءات مالية، وتوطين ميداني، وتحضيرات تقنية، لتؤكد أن البرنامج تجاوز مرحلة الإعلان، ودخل مرحلة التنفيذ الشامل، في مسار يُنتظر أن تتضح معالمه أكثر مع تقدم الأشغال واقتراب أولى عمليات الاستلام. وتعكس عملية توطين سكنات “عدل 3” الجارية تحوّلا واضحا في مسار أحد أكبر البرامج السكنية الوطنية، من مرحلة الإعداد والتخطيط إلى مرحلة التنفيذ الفعلي واسع النطاق. فامتداد العملية عبر 26 ولاية، وتزامنها مع إجراءات مالية وتنظيمية مرافقة، يمنح البرنامج بعدا عمليا يؤشر على جدية الالتزام بالآجال المعلنة، ويضع معايير جديدة في متابعة وتسيير المشاريع السكنية الكبرى. كما تُبرز المعطيات المتوفرة إلى حد الآن أن البرنامج لم يُبنَ فقط على منطق الاستجابة الآنية للطلب على السكن، بل على رؤية أكثر شمولا تراعي البعد العمراني والتنموي. فالتوجه نحو إنشاء أقطاب حضرية جديدة يعكس سعيًا إلى إعادة تنظيم الفضاءات السكنية، وتخفيف الضغط عن المدن الكبرى، وربط السكن بمنظومة حضرية متكاملة قابلة للتوسع والاستدامة. ومن زاوية التسيير، تُظهر المراحل الأولى من “عدل 3” اعتماد مقاربة تقوم على تلازم البرمجة المالية مع التنفيذ الميداني، وتفعيل التنسيق بين المستويات المركزية والمحلية. هذا الانسجام بين القرار والتنفيذ يساهم في تقليص فجوة التأخير، ويمنح وضوحا أكبر لمسار الإنجاز، سواء بالنسبة للإدارة أو للمكتتبين المنتظرين لتقدم الأشغال. وعليه، فإن ما يشهده برنامج “عدل 3” في هذه المرحلة يمثل بداية مرحلة جديدة ستُقاس نتائجها بمدى احترام الآجال، وجودة الإنجاز، وقدرة المشاريع على الاندماج في محيطها العمراني والاجتماعي. وهي معايير ستظل محور المتابعة خلال المراحل المقبلة، مع تقدّم الأشغال واقتراب الاستحقاقات المرتبطة بالاستلام الفعلي للسكنات.

 

أخبار ذات صلة

تجارة: مجلس المنافسة عالج أكثر من 14 قضية منذ إعادة تنصيبهوطني
23‏/12‏/2025

تجارة: مجلس المنافسة عالج أكثر من 14 قضية منذ إعادة تنصيبه

قام مجلس المنافسة بمعالجة أكثر من 14 قضية منذ إعادة تنصيبه في مارس الماضي، بناءً على الإخطارات التي تلقّاها، حسب ما أفاد به، اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة، رئيس المجلس، أحمد دخينيسة. وأوضح دخينيسة، في تصريح صحفي على هامش يوم دراسي خُصص لعرض استراتيجية مجلس المنافسة للفترة 2025-2029، أن المجلس عالج 14 ملفًا أغلبها يتعلق بالتركيز …

اقرأ المزيد
منصوري تستقبل الناشط السياسي والنائب البرلماني الغاني السابق أبدولاي محمد باراكوطني
23‏/12‏/2025

منصوري تستقبل الناشط السياسي والنائب البرلماني الغاني السابق أبدولاي محمد باراك

استقبلت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، المكلّفة بالشؤون الإفريقية سلمة بختة منصوري اليوم الثلاثاء  الناشط السياسي والنائب البرلماني الغاني السابق أبدولاي محمد باراك الذي يقوم بزيارة إلى الجزائر حسب ما أفاد به بيان للوزارة . وتندرج هذه الزيارة حسب البيان “في إطار جولة إفريقية واسعة بادر بها، تشمل عدداً من الدول الإفريقية، وتهدف إلى …

اقرأ المزيد
الجزائر وكازاخستان تفتحان آفاق جديدة للتعاون الصناعيوطني
23‏/12‏/2025

خلال استقبال وزير الصناعة لسفيرها بالجزائرالجزائر وكازاخستان تفتحان آفاق جديدة للتعاون الصناعي

استقبل وزير الصناعة، السيد يحيى بشير، الثلاثاء، سفير جمهورية كازاخستان بالجزائر، السيد أنوربك أخمتوف. ويأتي هذا اللقاء، في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وفتح آفاق واعدة للتعاون المشترك حسب ما اورده بيان للوزارة. وخلال الاجتماع، استعرض الطرفان فرص التعاون في المجال الصناعي بمختلف القطاعات، بما فيها الحديد والصلب، الجلود والنسيج، الميكانيك، والصناعات التحويلية، مع …

اقرأ المزيد